الأسر التونسية والمواد المدعومة: الحق في الغذاء مفقود رغم الوعود

القيروان – تكروان – ناجح الزغدودي

في تونس تم إنشاء الصندوق العام للتعويض ضمن قانون المالية لسنة ،1971. و”يهدف إلى “دعم المواد الغذائية الأساسية للسكان” و”دعم القدرة الشرائية للمواطن”. 

تدعم تونس الخبز والسكر والزيت النباتي ومشتقات الحبوب بقيم مالية متفاوتة تجعلها في متناول القدرة الشرائية للعائلات، في حين يتم تحديد تسعيرة موحدة للقهوة والشاي والأرز. وخصصت موازنة عام 2023 نحو 2.52 مليار دينار (828 مليون دولار) للدعم مقابل 3.77 مليار دينار (1.24 مليار دولار) عام 2022. 

ويتم تنظيم قطاع المواد المدعمة من خلال جملة من القوانين وكراس الشروط المتعلق بتنظيم الاتجار في المواد الأساسية المدعمة من قبل تجار الجملة للمواد الغذائية. ويفترض ان تنظم كراس الشروط عمليات التزود والتزويد وان تحد من الاحتكار كما ينتظر ان تمنع القوانين عمليات المضاربة بالمواد المدعمة ومسكها واستغلالها خارج الاطر القانونية.

http://www.iort.gov.tn/WD120AWP/WD120Awp.exe/CTX_16560-6-LoAnOgWucZ/AfficheJORT/SYNC_-1249879432

نسعى في هذا التحقيق انطلاقا من الشهادات والتقارير الرقابية الإحصائية والبيانات المتوفرة، إلى كشف عمليات  تلاعب بالمواد المدعمة بسبب عجز آليات الرقابة وبيان كيف أفضى عدم وصول المواد المدعمة الى الاسر عبر المسالك المراقبة مقابل ظهور سوق سوداء، الى ارتفاع تكلفة المواد الغذائية وتضاعف اسعارها واثقالها كاهل المواطنين، بينما ينعم المتربحون بفارق السعر دون محاسبة.

أصبحت الفضاءات التجارية بمدينة القيروان، (خلال الاشهر الاخيرة لسنة 2023)، تتشكل بها طوابير وتسابق المواطنين نحو الظفر بكيلو سكر وهو أعلى سقف يحدده صاحب المحل، وحالات من التنافس في الحصول على حاجياتهم من المواد الغذائية المدعمة التي تصل بكميات قليلة في بعض الاحيان وفقدانها في اوقات كثيرة لفترات تصل الى اشهر على غرار الزيت المدعم.

بينما يشهد التزود تذبذبا وعدم انتظام، تحت اشراف مؤسسات الدولة خصوصا وزارة التجارة، فان آليات مراقبة توزيع المواد الغذائية المدعمة لم تمنع من حدوث المخالفات في ولاية القيروان ما بين سنتي 2021 2023.

  وشجع وهن الرقابة وتطبيق القانون (منها كراس الشروط ومرسوم مكافحة الاحتكار) من جهة، ونقص الكميات من جهة ثانية، في تضاعف الاحتكار والترفيع في أسعار المواد المدعمة بسبب ترك المراقبة الى عوامل الصدفة و”المداهمة” او الرقابة البعدية. وتستفيد جهات غير قانونية ببيعها في السوق السوداء بأضعاف سعرها الحقيقي وتحرم المواطن من حقه في الدعم الموجه اليه.

فاذا كانت القوانين المعتمدة، من كراس شروط ومرسوم مكافحة المضاربة لسنة 2022، غايتها حسن توزيع المواد المدعمة فلماذا لم تنجح آليات الرقابة في مكافحة المضاربة؟  هل الخلل في الثغرات القانونية ام أن المسؤولية تعول الى اليات تنفيذ القوانين واعوان المراقبة؟

فكيف سيكون حجم الفاتورة التي يدفعها المواطن المعني الأول بالدعم في ظل عدم القدرة على ضمان وصول المواد المدعمة المخصصة له؟

أمام شركة بيع مواد غذائية بالجملة بمدينة القيروان، حضر عدد من أصحاب محلات العطرية يسألون عن الزيت وغيره من المواد المدعمة فتشير صاحبة الشركة الى صناديق الزيت الفارغة قبل ان تقرر اازالتها من فوق الرصيف وهي تحاول إقناعهم:

“لم أتزود بأية مادة من المواد المدعمة منذ أشهر رغم تواصلي مع المعامل والادارة الجهوية للتجارة للحصول على  حصتي لكنهم يقولون لي لم يات دورك بعد”. تقول بسمة عياشي صاحبة الشركة  

ينص الفصل السادس كراس الشروط المتعلق بتنظيم الاتجار في المواد الأساسية المدعمة من قبل تجار الجملة للمواد الغذائية على أن يلتزم بائعو الجملة ببيع المواد المدعمة حصريا لفائدة تجار التفصيل وفي حدود كميات معقولة تتوافق مع حجم نشاطهم.

كما نص على الامتناع عن بيع المواد الأساسية لأغراض صناعية أو غيرها من الاستعمالات الأخرى. 

يلزم كراس الشروط تجار الجملة، بإدراج كافة الشراءات والمبيعات من المواد الأساسية المدعمة المنجزة يوميا بالمنظومات المعلوماتية التي تشرف عليها وزارة التجارة أو مسك دفاتر الشراءات والمبيعات مرقمة وممضاة من قبل الإدارة الجهوية للتجارة. ويؤكد الكراس ضرورة تسليمها شهريا إلى الإدارة الجهوية للتجارة لتقوم بعد ذلك بالاطلاع عليها والتدقيق فيها كما ينص القانون. 

تعمل المراقبة عبر آلية الرقابة البعدية عن طريق متابعة بيانات التزود التي تقوم بها شركات البيع بالجملة وعملية التوزيع على محلات العطرية، عن طريق تطبيقة رقمية يتم الرجوع اليها للتثبت من عمليات التزود.

الالية الثانية تتمثل مسك كراس خاضع للمراقبة الدورية والاستظهار به عند الطلب. هذه الرقابة البعدية التي يتم التعويل عليها، لم تثبت نجاحها في مكافحة التلاعب بالمواد المدعمة حتى وان تم التفطن لبعض المحتكرين ومعاقبتهم فان الامر يتم عن طريق الصدفة والمداهمات العشوائية بمنطق من يتم التفطن اليه يدفع الثمن (اللي يتشد يخلص في تصريح رسمي لمدير التجارة بالقيروان). وليس أدل على ذلك من التجاوزات التي تم كشفها سابقا او التي ضبطت بداية شهر جوان بعدد من المخابز في القيروان منها بيع مخابز فارينة مدعمة ومنها عمليات إخفاء فارينة مدعمة الى جانب مخالفات للشروط الصحية. وهو ما يؤكد عدم نجاعة الرقابة البعدية ولا التثبت من بيانات التطبيقة ولا صحة الكراس.

الدعم تحول إلى عبء

تقدر حصة الفرد من الدعم الموجه الى هذه المواد المدعمة سنويا بنحو  112 دينار حسب بيانات للمعهد الوطني للاستهلاك بتاريخ 2015. لكن المواطن لا يتمتع بحجم هذا الدعم طالما أنه لا يجد حاجياته اليومية من المواد المدعمة بقدر ما يدفع اضعافه للحصول على مواد غير مدعومة خصوصا الزيت الذي يصل سعره 9أضعاف سعر المدعم سواء في السوق السوداء أو الزيت النباتي المعلب غير المدعم يتكبدها المواطن). 

وتشهد البلاد التونسية منذ اسابيع ازمة في الحصول على المواد الغذائية المدعمة منها الخبز. حيث توقفت عديد المخابز عن تحويل الخبز بسبب فقدان الفارينة والسميد وشهدت المخابز ازمة تحويل خبز تحولت الى طوابير والى مشاكل اجتماعية وصلت الى حد الترفيع في الاسعار وغيرها من مشاكل التزود.

هذه الوضعية جعلت رئيس الجمهورية، رئيس السلطة التنفيذية (قيس سعيد)  يتحدث عن لوبيات ومحتكرين. وجاء في احد تصريحاته خلال زيارته الى ديوان الحبوب قوله: “الخبزة تباع بألفين في القيروان و المواطن البائس الفقير لا يجد حظه في بلده”.

للتحقق من هذه الفرضية تواصلنا مع عضو بالمكتب الجهوي لاتحاد الصناعة والتجارة وعضو اللجنة الجهوية لمراقبة التزود بالمواد الغذائية عبد اللطيف السبري الذي اوضح وجود فرق في الاسعار وتفاصيل الانشطة بين المخابز المصنفة التي تتمتع بالدعم (الفارينة المدعمة بثمن 6 دنانير لكيس 50 كلغ) والمخابز غير المصنفة التي لا تحصل على الفارينة المدعمة.

ينظم قطاع المخابز ومحلات بيع المرطبات بالقانون عدد 56 .يبلغ سعر الدقيق المدعم 11,334 دينار للكيس الواحد (50 كلغ) وتسدد منه الدولة 6 دنانير أما الدقيق الغير المدعم فيبلغ سعر الكيس الواحد 52 دينارا (50 كلغ).

* المخابز صنف أ، التي تصنع الخبز الكبير وزن 400 غرام بسعر 230 مليم،تحت منظومة الدعم.

* المخابز صنف ج، التي تنتج خبز الباقات وزن 220 غرام بسعر 190مليم، تحت منظومة الدعم .

*المخابز غير المصنّفة، التي تنتج خبزا بوزن لا يتجاوز 150 غرام وتبيعه بأسعار حرّة إلى جانب صنع الحلويات وغيرها من المخبوزات.

توجد في القيروان148 مخبزة مدعمة (احصائيات 2023) مقابل49 مخبزة عشوائية في القيروان. وتوصف بالعشوائية المخابز غير المصنفة التي تستعمل فارينة غير مدعمة وتتزود من المطاحن بفارق سعر المدعم. 

خلال مداهمات لفرق المراقبة تم ضبط مخابز بصدد التفويت في فارينة مدعمة وعدم تحويلها الى خبز. هذه الفارينة المدعمة تباع الى المخابز العشوائية والى اصحاب محلات المرطبات. ويفسرون هذه الافعال الى التفويت في هذه الفارينة المدعمة بكونهم يمرون بصعوبات مادية منها عدم تسديد الدولة لمنح الدعم امام كثرة الالتزامات المالية. وكل من المخابز التي تفوت في الفارينة المدعمة والقطاع الموازي (طابونة وحرفيي المرطبات)، يراوغون القوانين المنظمة لمسك واستغلال مواد مدعمة وهي مماراسات تتفصى من المحاسبة وفق مرسوم مكافحة المضاربة والاحتكار وكراسات الشروط.

تم إصدار مرسوم مكافحة الاحتكار (مارس 2022) والمضاربة أي قبل عام من أزمة الخبز،https://legislation-securite.tn/ar/law/10523 والذي ينص في بابه الأول:  الفصل الأول – يهدف هذا المرسوم إلى مقاومة المضاربة غير المشروعة لتأمين التزويد المنتظم للسوق وتأمين مسالك التوزيع. 

اعتمادا على هذا المرسوم ضبطت المراقبة الاقتصادية مواد مدعمة (زيت وسكر وفارينة) لدى محلات مرطبات وحررت محاضر مسك واستعمال مواد مدعمة ضد عدد منهم كما  حجزت مواد غذائية بمستودعات منها مستودعات تابعة لشركات بتهمة الاحتكار قصد إحداث ندرة في السوق والترفيع في الاسعار.

المدعم  بين التخفي والتجلي

لئن كان دعم المواد الأساسية، موجها أساسا الى الاستهلاك الأسري، فإن هذه المواد هي اكبر منشط للسوق السوداء. حيث تظهر المواد المدعمة، التي لا تطالها يد المواطن، الزيت والسكر والفارينة والسميد، لدى حرفيين ومهنيي في الحلويات خصوصا المقروض الذي تشتهر به القيروان والمطاعم والاكلة الخفيفة خصوصا الكفتاجي وايضا نقاط بيع خبز الطابونة وهو ما يمكن معاينته وتم توثيقه بالصور والفيديو وحسب تقارير رقابية لادارة التجارة وتصريح لمسؤولين

في الرسم البياني التالي نتائج لاستبيان اجريناه بشان تعرض المواطنين في القيروان واحتكارها

Tableau des réponses au formulaire Forms. Titre de la question : هل لاحظت اي عملية احتكار  لمواد مدعمة. Nombre de réponses : 40 réponses.

بل ان الطريف في الامر، عندما افتقد السكر والفارينة خلال احتفالات القيروان بالمولد النبوي الشريف، احتج اصحاب محلات المرطبات على غياب هذه المواد لكونهم يحصلون عليها من شركات البيع بالجملة بسعر صناعي غير مدعم. وقد تولت ادارة التجارة وبمشاركة السلط الجهوية بتوفير مادة السكر. ونفس الشي عندما احتج مربو النحل ضد غياب السكر الذي يستعملون لانتاج العسل. وهي قطاعات تنافس الاسر التونسية في الحصول على المواد المدعمة.

 جدول قيمة الدعم المخصص للمواد الغذائية/2022

المواد الغذائيةالتكلفة الحقيقية للمواد الأساسية بالدينارأسعار بيع المواد المدعمة للعموم
خبز كبير الحجم0,9560,230
الباقات0,5700,190
الفارينة PS-7 (1كلغ)2,3830,850
السميد (1كلغ)3,5510,790
الكسكسي (1كلغ)4,2560,795
المعجنات الغذائية (1كلغ)4,2580,805
السكر (1كلغ)1,4501,400
الحليب النصف الدسم (1لتر)1,7601,350
الزيت النباتي المدعّم (1لتر)4,6920,900

وذكر مواطنون انهم اضطروا الى شراء قوارير زيت معلب غير مدعم ب6.900 مليم للتر الواحد بدل 900 مليم للقارورة المدعمة (سعة 90صل) ما يعني ان المواطنين ومنهم 35 بالمائة من العائلات المعوزة وفق المؤشرات الرسمية اضطروا الى زيادة نفقات المواد الغذائية جراء الترفيع في الاسعار. 

ويقع المواطنون في هذا “الفخ” لكونه يمثل سعرا أقل من شراء المواد الغير مدعمة من المحلات التجارية.

مقارنة سعر لتر زيت مدعم وغير مدعم او مدعم في السوق السوداء

المراقبة وثغرات التسريب

“الاخلالات موجودة للأسف والتشكيات تصلنا على مدار اليوم ورغم المراقبة فإن المخالفات لم تتوقف”، يقول المدير الجهوي للتجارة بالقيروان عماد صنديد، الذي يباشر مهامه للعام الثاني على رأس الإدارة. 

وأفاد أنه تتم مراقبة التوزيع لمنع وصول المواد المدعمة إلى الحرفيين والصناعيين الذين يحصلون على منح خاصة لاستعمال سكر صناعي وفارينة غير مدعمة (رفيعة) وزيت نباتي (علب بلاستيك).  

ويفسر ان أشكال المخالفات والثغرات تتنوع سواء من محل البيع بالتفصيل او من شركات البيع بالجملة. موضحا ان تزويد السوق السوداء يتم عبر هذه المسالك بدل توجيهها الى المواطنين. واكد ان اصحاب المحلات يبيعون المواد المدعمة بأسعار مضاعفة امام كثافة الطلب عليها من قبل اصحاب محلات لا يحق لهم الحصول على المواد المدعمة، مبينا انه يتم التصدي لكل التجاوزات.

“يستغل بعض الأشخاص هذه الأوضاع لاحتكار المواد المدعمة عبر مسالك مختلفة ويعمدون الى الترفيع في الأسعار خاصة وأن الطلب على المواد المدعمة أصبح كبيرا في ظل النقص الذي شهدته البلاد وتأخر ديوان التجارة في توريد كميات من الزيت مرة ومن السكر وتراجع مخزونات المطاحن الامر الذي اثر على توفير السميد والفارينة” هكذا يفسر ممثل وزارة التجارة التي تتحمل مسؤولية تزويد الاسواق بجاجياته من المواد وضمان وصولها الى مستحقيها وافشال محاولات المحتكرين. . 

وفي المقابل لا تشير اية معطيات الى انه تم تنفيذ العقوبة السجنية منذ سنوات طبقا لما جاء في مرسوم مارس 2022، باستثناء حالات ايقاف صاحبة شركة تتمثل في سلسلة مغازات في القيروان، بعد حجز حوالي طن من الطماطم المعلبة قبل ان يتم الافراج عنه لاحقا. في حين تم في قضايا سابقة للمرسوم الحكم بالسجن ضد متهمين باستعمال واحتكار مواد مدعمة في القيروان.

يعتقد47.5 بالمائة من بين المستجوبين أن سبب تفشي الاحتكار هو غياب المراقبة بينما يرى 20 بالمائة منهم بنقص المواد. بينما يعتقد 55 بالمائة من المستشجوبين ان الخلل يكمن في 55 غير كاف في اشارة الى اليات الرقابة التي يتم من خلالها مراقبة عمليات التزويد.

Tableau des réponses au formulaire Forms. Titre de la question : هل تعتقد أن الاحتكار  سببه. Nombre de réponses : 40 réponses.

كان ينتظر ان يساهم المرسوم في دعم تطبيق كراس الشروط في تنظيم عمليات التزود والضرب على يدي المتلاعبين بالمواد المدعمة. غير ان تسريب المواد المدعمة خارج مسالك التوزيع الرسمية تواصلت ولم تختف التجاوزات ولم تتوقف الاخلالات مما يشير الى وجود خلل في تطبيق المعايير القانونية.

وقد تم في عديد المناسبات القيام بحملات مداهمة وكشف عديد المستودعات العشوائية المخصصة لتخزين مواد مدعمة. غير أن نسبة كبيرة من المحاضر تسجل ضد مجهول حيث يتم ضبط سلع ومواد غذائية بمخازن عشوائية ولا يتم التعرف على صاحبها. ورفض السيد المدير الجهوي الخوض في تفاصيل المحاضر والتهم المنسوبة معتبرا انها معطيات شخصية. حيث تكدست فوق مكتبه محاضر وقضايا موجهة إلى المحكمة الابتدائية بالقيروان. وأوضح انه عمل روتيني.

وقد تم في وقت سابق البت في قضايا تلاعب بالمواد المدعمة من قبل المحكمة الابتدائية بالقيروان منها احكام بالسجن بتاريخ 23 افريل 2020 بمدة تتراوح بين عامين و3 اشهر وبين 4 سنوات مع خطايا مالية تجاوزت 100 الف دينار من اجل ارتكاب جرائم التلاعب بمواد مدعمة بعد ضبط كميات من الزيت والسميد والسكر بمستودعات عشوائية. وهي احكام سبقت مرسوم 2022.

ومن بين المحكومين رئيس الاتحاد المحلي للفلاحين ببوحجلة ( 3 سنوات سجن و خطية مالية ب30 الف دينار ) اضافة الى شريكه ( سنة سجنا و خطية مالية ب 10 الاف دينار). الى جانب شخص ثالث حكمت المحكمة ضده ب 4 سنوات وخطية مالية ب 60 الف دينار. و قد جاءت هذه العقوبات تطبيقا لمرسوم رئيس الحكومة الياس الفخفاخ الصادر بتاريخ 10 افريل 2020

حسب المسح الوطني حول الإنفاق والاستهلاك ومستوى عيش الأسر لسنة 2021 بلغ متوسط الإنفاق السنوي للفرد 468 5 دينارًا سنة 2021، مقابل 871 3 دينارًا سنة 2015، أي بزيادة قدرها 41.3%. ويقابل هذا التطور متوسط نمو سنوي بالأسعار الجارية قدره 5.9%. وفي ظل هذا التضخم فان عدم حصول المواطن على المواد المدعمة يضاعف حجم نفقاته من المواد الغذائية على حساب حاجيات اخرى.

مراقبة…عمل المراقبة  

 وضعت وزارة التجارة وتنمية الصادرات توجها استراتيجيا للفترة ما بين 2021 و2023 تهدف الى مراجعة الجهاز الرقابي الذي توكل إليه مهام محاربة الاحتكار والتلاعب والأسعار،وسيقع تطبيق وزارة التجارة للخطة الخصوصية لمكافحة الاحتكار على خلال مراحل وستستمر إلى 2023 .

سنة 2020 سجلت فرق المراقبة الاقتصادية أكثر من 1500 حالة احتكار و 194 تلاعب بالمواد المدعمة ، كما تم تسليط 200 عقوبة إدارية.

هذه الخطة التي تاسست على تقييمات سابقة بينت وجود اخلالات في جودة المراقبة، وضعت استارتيجيا وطنية لضمان التزود ومكافحة المضاربة بالمواد المدعمة. ولكن هذه الخطة لم ترافقها تحضيرات لوجستية خصوصا اضافة اعداد اعوان المراقبة او تغيير الاليات.

بسمة العياشي التي أجرينا معها حوار للمرة الثانية بعد عام من أزمة المواد الغذائية جراء تداعيات جائحة كورونا، وعدنا إليها بعد حوالي عام، افادت ان وضع فقدان المواد المدعمة على حاله وان نفس الإشكاليات تراوح مكانها بسبب ما وصفته “غياب ارادة حقيقية لمراقبة من خلال زيارات تفقد وعمل ميداني. حيث يتم خلال حملات وطنية وزيارة فرق مشتركة من ضبط مخالفات خاتلت الفرق الجهوية. كما شهدت تنظيم عمليات التزود اخلالات واضحة من خلال اشراف السلط الجهوية على توزيع كميات من المواد المدعمة مباشرة الى محلات عطرية دون المرور عبر شركات البيع بالجملة. او ان يتم تزويد شركات بعينها وحرمان شركات اخرى خلال هذه المناسبة من خلال اختيار بعض الشركات وحرمان شركات اخرى وغياب المراقبة الميدانية مقابل التعويل على تطبيقة تتضمن بيانات مسجلة ولا يمكن التحقق من توزيع المواد المسجلة سوى على الميدان وهو ما كشفته بعض المداهمات حيث افضت الى تسجيل مخالفات لم تكشفها التطبيقة.

اكدت بسمة انها قدمت في اكثر من مرة شكاية الى فرقة الابحاث الاقتصادية بوزارة التجارة  بشأن وجود ما وصفته ب”شبكات” تلاعب المواد المدعمة  وحديث عن “رشاوي مقابل حماية يتحصن به بعض المخالفين من اصحاب الشركات والدخلاء” وفق تصريح موثق. 

كما اشارت الى ان هناك شركات تمت معاقبتها بسبب مخالفات سابقة في التلاعب بالمواد المدعمة، أعيد فتحها وحصلت على مواد مدعمة. في حين تمكن آخرون من اعادة فتح شركات جديدة بعد غلق الأولى رغم سوابقهم. وتقدم بسمة اسماء اصحاب الشركات. في حين نفى المدير الجهوي موضوع اسناد مواد مدعمة لشركات معاقبة. وبالتثبت من المسالة، تبين ان اصحا بالشركان غيروا اسم الشركة ما يسمح لهم القانون بالتقدم للحصول على مواد مدعمة.

أصحاب شركات مخالفون للقانون يتلاعبون بالمواد المدعمة وهم محميون تقول بسمة العياشي

بيانات المراقبة الاقتصادية في ظل المرسوم الرئاسي

يدفع المواطن التونسي، في القيروان مثل غيره من الجهات، الثمن باهظا من قوته وقوت اولاده جراء عدم حماية حقه المخصص له من المواد المدعمة ومن قيمة الدعم التي تخصصها الدولة. ولئن تقلصت قيمة الدعم وتاثيره في كميات المواد الموردة والموزعة في الاسواق، فان ذلك فاقم حرمان المواطن من الوصول الى تلك المواد رغم رحلات البحث والطوابير، بينما كان المستفيد الدائم والاكبر هم الوسطاء والسمسارة الناشطون في سوق موازية وسوداء تحترف المضاربة في المواد المدعمة رغم القوانين وكراسات الشروط ورغم مرسوم 2022 المناهض للمضاربة والاحتكار.

عمليات المضاربة تختال المراقبين وتسير في دروب الثغرات خلال عميلات التزود ويقومون بمناورات تعجز تطبيقات المراقبة عن بعد والمراقبة البعدية عن كشفها في الابا وعلى الميدان. ولم تمنع حملت المراقبة والحجز وضبط المخالفات ضد بعض المخالفين والمتلعبين بالمواد المدعمة، من تحضن اخرين ليس بالفرار فقط، بل بنفس الجهات الرقابية في ظل التعقيدات الادارية والبيرواقراطية وتفشي المحسوبية والموالاة. ما يعني ان الدعم لا يذهب الى مستحقيه وذلك بعلم من الجهات الرسمية التي تتمسك بمنظومة الدعم والحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن.

تحول موضوع دعم المواد الاساسية، الى محل جدل سياسي ومزايدة شعبوية بين الحكومة والمعارضة وسط حديث عن خطة ممنهجة لالغاء الدعم عن طريق تقليص التوريد في حين ادى موضوع توجيه الدعم الى اقالة وزيرة الصناعة.

ووفق تقرير لخبراء بالبنك الدولي، في تونس، يبلغ متوسط نصيب الفرد من إعانات دعم المواد الغذائية والطاقة الذي تحصل عليه الأسر الأكثر ثراء ثلاثة أمثال ما تحصل عليه الأسر الأشد فقراً.

وتؤدي إعانات الدعم إلى تخفيض الأسعار بشكل مصطنع، الأمر الذي يخلق تشوهات اقتصادية كبيرة. وعلى الرغم من ارتفاع الأسعار العالمية للحبوب على سبيل المثال، فإن الأسعار المنخفضة بشكل مصطنع للخبز تؤدي إلى الإفراط في الاستهلاك، إذ يزداد الطلب عليه عمَّا لو كان الحال بخلاف ذلك. 

تفرض إعانات الدعم عبئاً ثقيلاً على المالية العامة يزداد مع ارتفاع الأسعار العالمية، ويُوجِّه الموارد العامة الشحيحة بالفعل بعيداً عن أولويات مثل الاستثمارات في الرعاية الصحية والتعليم. ويُنفِق بلدٌ مثل مصر نحو 1.4% من إجمالي ناتجه المحلي على برنامجه لدعم السلع الغذائية، و2.6% على دعم الطاقة (مراجعة الإنفاق العام الاجتماعي لمصر، وبيانات صندوق النقد الدولي لعام 2020). وفي عام 2021، أنفقت الحكومة التونسية نحو 1.7% من إجمالي ناتجها المحلي على دعم السلع الغذائية و2.5% على دعم منتجات الطاقة (وزارة المالية، 2022).

انجز هذا التحقيق ضمن تدريب لمركز تطوير الاعلام تحت اشراف الاساتذة: محمد أمين بن سعود واروى الكعلي

عن فريق التحرير

شاهد أيضاً

عين جلولة: حجز بنادق صيد غير مرخصة

تمكنت يوم 01 سبتمبر 2023 دورية تابعة لمركز الأمن العمومي بعين جلولة التابع لمنطقة الحرس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *