:مقابلة مع الخبير البيئي عامر الجريدي

التغير المناخي سيؤثر على المحاصيل الزراعية ويتسبّب في ندرة المواد الغذائية وارتفاع أسعارها

1-أورسام: ماهوتقييمكم لمدى جدية الإجراءات العالمية لمواجهة التحديات والمخاطر المحيطة بالمناخ، وما هي أهم المبادرات والخطوات والمواقف العالمية في هذا الإطار؟

تتعهد الحكومات في المؤتمرات والقِمم الأممية ولا تلتزم إلاّ جزئيا لأن المحدّد في تنفيذ التعهدات هو التمويل الذي هو رهين الاقتصاد ولوبّيات المال والأعمال في العالم وفي الدول المصنّعة والكبرى خصوصا، أي الشركات الكبرى العابرة للقارّات، هذه التي تتضارب مصالحها مع الإجراءات المقرّرة للتصدّي للتحدّي المناخي. وبالتالي، تبقى التعهّدات نسبيّة التجسيم على أرض التمويل.

فقد أقرّت المجموعة الدولية، مثلا، التزامها للحدّ من إفرازات غازات بما يجنّب الكوكب بلوغ درجة مائوية تصل إلى 2 درجة مائوية (اتفاق باريس، ‘كوب’ 15، ديسمبر 2015). كما خُصّص الهدف 13 من أجندة الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة للحدّ من التغيرات المناخية وتأثيراتها.

أورسام: هل تدابير مواجهة المخاطر المحيطة بالمناخ في منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط منسجمة مع الجهود العالمية في هذه القضية، أم هي متخلفة عن الركب العالمي، وهل جميع دول المنطقة تغيب عنها تدابير جدية لمواجهة المخاطر المناخية، أم هنالك مناطق معينة (دول الخليج العربي) تهتم بهذه القضية؟

لا أعتبر أن بلدان منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط تولي الأهمّية اللازمة وتضع مسألة التغيرات المناخية في أولوياتها بالجدّية المطلوبة لأسباب تتعلّق بالإرادة السياسية وبالأوضاع التنموية لمعظم بلدان المنطقة.

إلاّ أن بلدان الخليج مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ودولة قطر ومصر في شمال إفريقيا سجّلت نُقلة نوعيّة في سياساتها وفي انخراطها الإستراتيجي في هذا التوجّه. وقد أطلق الأمير محمد ابن سلمان مبادرة “الشرق الأوسط الأخضر” سنة 2021 وتستضيف الإمارات الـ’كوب’ 28 بعد أن احتضنت مصر قمّة المناخ 27 بشرم الشيخ. لكنّ كلّ دول المنطقة العربية موقّعة على أجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة ولها هيآت وطنية منكبّة على قضية التغيرات المناخية وتعدّ تقارير سنوية للأمم المتحدة حول مدى تقدّمها في المساهمة في الحدّ من تأثيرات التغيرات المناخية والتكيّف معها لكنّ جدّية معالجة الموضوع تختلف من دولة إلى أخرى بحسب جدّية إيلائها للمسألة الاهتمام الضروري وبحسب أوضعها الاقتصادية والاجتماعية.

-أورسام: ما هو الدور المطلوب من المجتمع الأكاديمي في منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط لتنوير الرأي العام وصناع القرار حول خطورة هذه القضية وأهميتها؟

إن اكتفاء المجموعة العلمية في المنطقة العربية بالبحوث والدراسات والنشر تبقى غير ذات نفاذ في السياسات والبرامج العملية والميدانية ولن تخرج من دوائر النشر المختصّة التي لا يفقه لغتها الجميع. والمطلوب هو الإفادة بمخرجات بحوثهم وتبسيطها عبر المجتمع المدني ووسائل الإعلام وتقديم خلاصة دراساتهم ومقترحاتهم في أسلوب مبسّط لأصحاب القرار.

أورسام: ما هي تداعيات هذه القضية على اقتصادات المنطقة، حالياً ومستقبلياً؟

انخرام الموازين المناخية تتمثل، بمفعول ارتفاع معدل درجة الحرارة، في تزايد الأعاصير والفياضانات في مناطق، وعدم انتظام التساقطات في مناطق أخرى من العالم. كما أنّ ذوبان الجبال الجليدية في القطبين الشمالي والجنوبي يتسبب في ارتفاع مستوى البحر الذي سيغمر جزرًا ومدنا ساحلية بأكملها. وسيؤثّر التغير المناخي (خصوصا مع الجفاف وارتفاع عدد الحرائق الغابية) على المحاصيل الزراعية وعلى محاصيل الغابات، ممّا سيقلّص من الإنتاج الزراعي الغذائي ويتسبّب في ندرة المواد الغذائية وارتفاع أسعارها.

كما أنّ احتجاز أشعة الشمس ما فوق البنفسجية تحت الغلاف الجوي للكرة الأرضية ستكون له انعكاسات على صحّة الإنسان وما ينجرّ عن ذلك من أمراض العيون (‘الكاتاراكتْ’) وسرطان الجلد، مثلا. وبالتالي، ستتأثّر اقتصاديات عديد البلدان، خصوصا النامية والفقيرة منها.

أورسام: كيف ترون أزمة الطاقة الدولية وتداعياتها بسبب التحولات الجيو-سياسية واقتصادية في ظل الحرب الروسية-الأوكرانية؟

من المفارقات أنّ الحرب الأوكرانية بقدر ما كان لها تأثير ملموس على البيئة بفعل الدمار الناتج عنها للمنظومات البيئية بأكرانيا (وهي بلد شاسع ومصدر غذاء لعديد بلدان العالم)، بقدر ما جعل البلدان الأوروبّية تسرّع في إجراءات تحقيق الانتقال الطاقي النظيف. إلاّ أنّ التأثيرات الاقتصادية للأزمة الطاقية الناتجة عن هذه الحرب وضع البلدان النامية في وضعية حرجة مع ارتفاع أسعار المحروقات.

أورسام: تعرضت تركيا وسوريا ولبنان مؤخرا إلى زلزال عنيف غير مسبوق، مما تسبب في وقوع عدد كبير من الضحايا ودمار في المباني السكانية ومنشئات البنية التحتية.

هل سوف تؤثر عناصر الجيوفيزياء على المحددات الجيوسياسية والاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؟ وكيف؟

للمنظومات البيئية الطبيعية (الأرضية والجوفية) نواميسها وقسطها من التدمير. ولعلّ للتجارب النوويّة تحت الأرض تأثيرًا في تنشيط الحركية ‘التكتونية’.

ومهما كانت أسباب زلازل اليوم طبيعية أمْ بشرية (وهذا يتطلب الإثبات العلمي الشافي)، فإن وقوعها يكون مناسبة للتضامن الدولي الفعلي، مما قد يمثل فرصة لعودة فرقاء الأمس إلى الحوار وإلى مراجعة المواقف الديبلوماسية انطلاقا من المدّ التضامني الإنساني

عن فريق التحرير

شاهد أيضاً

متلازمة الحرارة والحرائق ومراجعة منظومة التوقي والانذار المبكر

تقريرصحفي ناجح الزغدودي شهر جويلية وتحديدا نصف الثاني اصبح ملازما لنشوب حرائق الغابات في مختلف …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *