..لا ولاء لنا إلا لتونس ومانراه خيرا لشعبها. أولا تعتبر اللحظة الراهنة دقيقة في تاريخ البلاد بكل ما تحمله من إشكاليات ومخاطر على جميع المستويات. البلاد اليوم في أزمة متعددة الأوجه :إقتصاديا…إجتماعيا وخاصة سياسيا ولعمري كما سبق وقلت مرارا أن غياب المصالحة السياسية والحوار المسؤول بين أبناء الوطن الواحد بعيدا عن منطق الاقصاء والتخوين والأقلية والأغلبية هو سبب ما نحن فيه اليوم.
بعيدا عن الشخصنة والتقييمات الماقبلية لما حصل قبل خمس وعشرين جويلية ومابعده…نحن إزاء طبقة سياسية حكما ومعارضة مع الأسف لم ترتقي لمستوى تطلعات شعبها ولمستوى التغيرات الاقتصادية والإجتماعية الوطنية وحتى العالمية…طبقة مع الأسف سقطت في صراعات الشخصنة والحسابات الضيقة جدا. اليوم يفرض الواجب الوطني التجميع والجلوس على طاولة الحوار دون قيد أو شرط من الجميع وطي كل صفحات الماضي بعد معالجتها نهائيا وتهدئة النفوس بإيجاد أرضية عمل وقاعدة بناء مشتركة بين كل الراغبين مع الإلتزام بالخطوط الكبرى . تونس اليوم بحاجة لحياة سياسية ومشهد حزبي متطور ومقنن يختلف تماما عن كل المشاهد السابقة. تونس بحاجة لقوانين صارمة وعادلة وكما قلت وطن لكل فيه حظ …يحترم ابنائه قوانينه فيحترمونه بدورهم…ولعمري لن يكون ذلك إلا بالذهاب لإنتخابات عاجلة تتوج ببرلمان وطني وبكتل برلمانية واضحة بعضها للحكم والبعض الآخر للمعارضة . هؤلاء من سيحكمون وفق برامجهم وتصوراتهم كما في كل بقاع العالم مع شروط مسبقة كسحب الوكالة منهم كلما حادوا عن الأهداف إضافة الى ضرورة التوافق حول تعديل القانون الإنتخابي بالاقتراع على للأفراد وسبق وتعمقنا في الأمر ..لتصبح الكتل توافقا بين النواب حول مشاريع وخيارات كبرى إقتصادية وتنموية وسياسية. أم الحديث عن تغيير النظام السياسي مثلا قبل الإنتخابات التشريعية فهو من سياسة فرض الأمر الواقع وتقييد للبرلمان القادم قبل تشكله بل تحديد لنمط الحكم قبل قدوم الحكام والمشرعين..فماذا لو غير البرلمان القادم نظام الحكم بتوافق أغلبيته!! لعمري يصبح التريث والمنطق السياسي ضروريان لتحقيق الاستقرار للبلد…
فأولويات هذا الشعب ربما بعيدة كل البعد عن رغبات الأفراد مع تحفظي على إستعمال مفردة “الشعب “في كل مرة لتبرير خيارات سياسية لأن الحقيقة أننا أمام أغلبية صامتة وأغلبية أخرى لامبالية بسبب الواقع المعيشي الصعب.ولا أحد يحتكر النطق بإسم شعب منقسم ومختلف في التوجهات والرؤى . تونس اليوم بحاجة للتعقل والعمل الدؤوب ونكران الذات والإبتعاد عن الشخصنة والمخاتلة وتصفية الحسابات وتحميل المسؤولية للآخر المختلف لأن الجميع مسؤول بدرجات متفاوتة بل كلهم كانوا ولازالوا شركاء السفينة. ثقافة الدولة والتعايش السلمي والديمقراطية والحريات المسؤولة هم مفتاح النجاح . صدقا وطننا جميل يستحق أفضل مما كان ومما هو قائم وربما مما هو قادم إذا صحت بعض المؤشرات المحيلة على المستقبل. حفظ الله تونس حرة منيعة لكل أبنائها.